من يضبط مثل هؤلاء الغوغاء؟
يمنات
عبدالوهاب قطران
وصلتُ بيتي قبل قليل، وأثناء طريقي من مقيل صديقي إلى المنزل، شاهدت وأنا متوقف عند إشارة جولة عشرين سيارة “هامر” بيضاء تحمل لوحة مؤقتة بيضاء، قطعت الإشارة في الاتجاه المقابل لنا.
هرع رجل المرور إلى أمامها محاولًا إيقافها، فإذا بها تندفع نحوه محاولةً دهسه، ولولا فراره السريع لكان الآن جثة تحت عجلاتها!
تنحّى المسكين جانبًا وهو مكسور الخاطر، ثم لحق بها محاولًا تصوير رقم لوحتها.
مشهد بلطجيٌّ إجراميٌّ مستفز، أثار فيّ وفي أصدقائي غضبًا شديدًا وتعاطفًا كبيرًا مع رجل المرور الأعزل الذي يؤدي واجبه تحت البرد القارس.
قال صديقي الجالس في المقعد الخلفي: “من يقلوا لأبوه هذا المستهتر الذي يقطع الإشارة ويحاول دهس رجل المرور؟”
قلت له:“لا شك أنه صاحب سلطةٍ ونفوذ، أو متكئٌ على من يملكهما، وإلا لما تجرأ على مثل هذه البلطجة والعنجهية!”
عدتُ إلى البيت، جلست، وضعت “المدكَى”، وفتحت الكتاب محاولًا القراءة والفهم، لكن أصوات الزوامل عبر مكبرات الصوت من مكان قريب مزّقت سكينتي وشتّتت تركيزي، وأطاحت بساعة خلوتي ومطالعتي.
ينتهي زاملٌ ويبدأ آخر، فقلت في نفسي:
“من هو هذا قليل الذوق الذي يتعمد إزعاجنا بمكبرات الصوت في هذا الوقت؟ لا عرسَ في الحارة حسب مانعلم ، إذًا من المؤكد أنه أيضًا صاحب سلطةٍ ونفوذ!”
رميت الكتاب جانبًا، وفتحت الفيسبوك، لألعن هذه الفوضى وهذا العبث، وهذه العنجهية والبلطجة التي صارت سمة زماننا البائس!
وذلك اضعف الايمان.